التأمين الصحي الخاص… أسعاره وتغطياته
لا يُخفى على أحد مدى الضرّر الذي لحق بالنظام الإستشفائي للمواطن لا سيّما مع تدهور التقديمات للمؤسسات الرسميّة الضامنة حيث بات أكثر من 60% من اللبنانيين مكشوفين صحيّاً مع تغطية لا تتعدّى الـ5%
لا يُخفى على أحد مدى الضرّر الذي لحق بالنظام الإستشفائي للمواطن لا سيّما مع تدهور التقديمات للمؤسسات الرسميّة الضامنة حيث بات أكثر من 60% من اللبنانيين مكشوفين صحيّاً مع تغطية لا تتعدّى الـ5%
يترنّح القطاع الاستشفائيّ والطبيّ في لبنان على حبال الأزمة الإقتصادية المرشحة الى مزيد من التصعيد الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي والامني، بحيث لم تعد سياسة المسكنات ناجعة لتخدير الأوجاع أمام هول الأرقام الخيالية التي تتطلّبها الصحة
أربعة أشهر من المفاوضات بين الأطباء وشركات التأمين للتوصل إلى اتفاق حول التعرفات الطبية للمرضى المؤمّنين، لم تفض إلى اتفاق. لكن تكمن المفاجأة بأن البند الذي وقع حوله الخلاف لا يرتبط بالتعرفات، إنما بآلية ضبط مخالفات الأطباء، ما يطرح علامات استفهام حول عدد المخالفات وماهيتها.
خلقت الأزمة الاقتصادية وما أرفقها من تدهور في قيمة العملة الوطنية عدم يقين لدى سائر القطاعات، لا سيّما منها الحيويّة. فبدأت دولرة اقتصاد لبنان وتحوّل دفع السلع والخدمات نحو الـ “كاش”، كوسيلة للحفاظ على قيمة المدخول وسط اعتماد أكثر من سعر صرف للدولار
ظهر أخيراً إلى العلن الخلاف بين وزير الاقتصاد أمين سلام وشركات التأمين. من حيث المبدأ، إدانة سلام لشركاتٍ احتالت على متضرري انفجار الرابع من آب، وقضمت حقوقهم، في محلّها. لكن توقيت إثارة القضية بعد عامين من الحادثة أثار الشكوك حول الخلفيات.
عقد وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام مؤتمرا صحافيا خصصه لقطاع التأمين، وقال: “هذا المؤتمر يتميز بأهمية خاصة، واتمنى ان يكون هناك وعي بالنسبة الى قطاع التأمين الذي يمثل نموذجا لحال الانهيار التي نعيشها، ونجاح هذا القطاع او فشله سيكون مؤشرا الى اين نحن ذاهبون،
منذ مطلع عام 2022 عمدت شركات التأمين في لبنان إلى اعتماد “الفريش دولار” لتسديد ثمن العقود التأمينية الصحية إضافة إلى بوالص حوادث السير، وبقيت عقود التأمين الالزامي للسيارات فقط بالليرة،
مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية بوجه الدولار، عمدت غالبية القطاعات إلى دولرة فواتيرها بما فيه القطاع الاستشفائي، ما جرّد المواطنين عموماً والمؤمّنين خصوصاً من التغطية الصحية، لاسيما عند التعرّض إلى أضرار جسدية نتيجة حوادث السير.
مع تحوّل الإقتصاد اللبناني شيئاً فشيئاً نحو الدولرة، باتت كل الأمور تُسَعّر بالعملة الصعبة، وتُدفع على أساس سعر الصرف في السوق الموازية، إلاّ أن أموراً عدة لا تزال تُدفع بالليرة اللبنانية
أصبح الدولار في لبنان يتحكم بكل مفاصل حياة المواطنين، وباتت العملة الخضراء الأساس في التعاملات لتسديد قيمة السلع وبدل الخدمات المختلفة، وذلك مع الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه اللبنانيون منذ تشرين 2019.
تحصّن شركات التأمين في لبنان نفسها في مواجهة الانهيار المالي الحاصل، بقضم حق المؤمّنين المتضرّرين من جهة، وبالتذاكي على السلطة الرقابية والالتفاف حول القوانين من جهة أخرى.
قال رئيس جمعية شركات التأمين في لبنان ايلي نسناس: “مع قيام معظم المستشفيات، ومنذ شهر تشرين الاول الماضي بتسعير خدماتها الاستشفائية بالدولار الاميركي، وذلك حسب سعر السوق، وجدت شركات التأمين نفسها مضطرة لتعديل اقساطها لتصبح ايضًا بالدولار الأميركي
يعيشُ لبنان فترة إقتصادية “حساسة وصعبة” جدّاً نتجت بفعل أزمات وأحداث متلاحقة بدأت مع تدهور أسعار الصرف والتحديات التي تُواجهها العملة الوطنية معطوفة على “الفساد والهدر” الذي أفرغ خزينة الدولة على مدى عقود
مع استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، يبدو أن المواطن على مشارف كارثة صحية بعدما بات عاجزاً عن دفع تكلفة الطبابة وفاتورة الاستشفاء التي بلغت أرقاماً خيالية.
لم يجدد اللبناني جهاد بوليصة تأمينه الصحي لدى استحقاقها مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، بعدما اتصل بأكثر من شركة تأمين للاستفسار عن الأسعار، وتلقى إجابة واحدة: «نتقاضى الدفعات بالدولار النقدي حصرا كشرط أساسي لتغطية كامل نفقات الاستشفاء».
لا يقوم بعض شركات التأمين، وتحت ذرائع الوضع الاقتصادي وفرق سعر الدولار، بتغطية كافة نفقات علاج بعض المرضى في المستشفيات وخصوصاً في حالات التدخل الجراحي.