لم تستثن الأزمة النقدية قطاعاً إلا وضربته في عمقه. ولا شك أن أزمات القطاعات الإنتاجية والخدماتية جميعها تنعكس ضغوطاً معيشية على المواطن اللبناني، بشكل أو بآخر. لكن أزمة القطاع الصحي والاستشفائي ذهبت بالمواطن أبعد من ذلك
تقدّر الأموال التي خرجت من المصارف وخُزّنت في المنازل بنحو 6 مليارات دولار. هذه الأموال لن تعود راهناً الى المصارف في ظل فقدان الثقة بالنظام المصرفي والمالي، لا سيما مع استمرار غياب أي خطة إنقاذ مالي توحي على الأقل ببصيص نور يلوح في الأفق.
شهران مرا على جريمة تفجير مرفأ بيروت واقتراب فصل الشتاء والمشهد في الجميزة ومار مخايل لم يتغير بعد، يقول بعض اصحاب المحال والشركات والمنازل أن احداً لم يحرك ساكناً لتغيير مشهد الدمار
تتفاقم الأعباء على المواطن اللبناني كلّ يومٍ، لتُضاف الى الأزمات التي تعصف بالبلاد. وأحدث هذه الأعباء، احتمال رفع تعرفة المستشفيات من 1507 ليرات لبنانية، أي سعر الصرف الرسمي للدولار الواحد، إلى 3950 ليرة، ما من شأنه أن يهدّد صحة آلاف العائلات العاجزة أصلاً عن دفع النفقات الطبية.
في وقت يعاني فيه المواطن اللبناني من مشاكل اقتصادية عدة، تبدأ بتحليق سعر صرف الدولار في السوداء، ولا تنتهي حتى على أبواب المستشفيات التي تطالب بتقاضي نصف قيمة الفواتير بالدولار من شركات التأمين.
ذكرت صحيفة “الأخبار” أن هاجس تأثير الأزمة الاقتصادية على القطاع الصحي يزداد. ومع التخوّف من ارتفاع أسعار الأدوية مع الحديث عن توقف دعم الاستيراد من قبل مصرف لبنان
تعيش شركات التأمين حالة تخبّط بعد انفجار مرفأ بيروت. فهي تترقب قرار شركات إعادة التأمين المرهون بنتائج التحقيق الرسمي لمعرفة “المسبب” للكارثة. كافة السيناريوات التي سيفرضها التقرير، إذا ما صدر أصلاً، ستأتي بما لا تحمد عقباه.
بدعوة من رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، عُقد في مقرّ المجلس – وسط بيروت، اجتماع موسّع لقطاع التأمين، شارك فيه النائب ألكسي ماطوسيان، والوزير السابق زياد بارود، ورئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ايلي طربيه، ونقيب وسطاء التأمين سيريل عازار
أعلنت لجنة مراقبة هيئات الضمان انها وجهت كتباً إلى كافة هيئات الضمان العاملة في لبنان تعلمها بضرورة تغطية الأضرار المؤمَّنة الناتجة عن الإنفجار وفق شروط ومنافع عقد الضمان الصادر عنها دون تأخير تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقها.
وصلت قيمة مطالبات التأمين في انفجار مرفأ بيروت الضخم إلى 425 مليون دولار، بحسب راوول نعمة وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال.
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شركات التأمين في لبنان الى “الوفاء بالتزاماتها تجاه الأشخاص المؤمنين لديها، الذين تضررت ممتلكاتهم وسياراتهم ومنازلهم نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل أيام”.
أكد مصدر في نقابة وسطاء التأمين لأريبيان بزنس ان شركات التأمين لن تدفع تعويضات في حال تسبب مواد خطرة بالانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت وأن 2500 طلب تعويضات من التأمين تم تلقيها علما أنه و يمكن للمناطق خارج المرفأ أن الا يشملها التامين بسبب وجود مواد خطرة تسببت بالضرر
مع انفجار بيروت، تدخل شركات التأمين العاملة في لبنان إلى نفق جديد لأزمة لم تكن من ضمن حساباتها، خصوصاً أنها تعاني منذ أشهر من أزمات مختلفة، لا داعي لتكرار الخوض في تفاصيلها.
أكدت “جمعية شركات الضمان” في لبنان أمام الهيئات الاقتصادية، اليوم الخميس، التزامها بدفع كل الموجبات التعاقدية للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت، بيد أن هذا يبقى مرتبطاً بنتيجة التحقيق لتبيان حقيقة الانفجار الذي إذا كان مفتعلاً فإن الشركات لن تدفع شيئاً.
ليس الإنفجار الواقع في مرفأ بيروت في 4 آب الحدث الأمني الأول في لبنان. لكنه الأول من ناحية حجم الأضرار البشرية والمادية التي خلّفها. والأول من ناحية نوع الإنفجار وظروفه. فلم يعد خافياً أن إهمال الدولة وأجهزتها ومسؤوليها يُشكّل أحد أبرز مسببات الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 155 شخصاً ونحو 5000 جريح وعشرات المفقودين حتى اللحظة.
قد تكون التعويضات التي يمكن ان تدفعها شركات التأمين هي السند الذي يخفف من هول الاضرار المادية التي اصابت المواطنين والمؤسسات. لكن هل تؤمّن بوالص التأمين هذا النوع من الحوادث؟