تم النشر بتاريخ: 2/06/2020
كتبت عزة الحاج حسن في المدن: لا تنتهي قضايا التأمين وإشكالاتها. كما لا تمل بعض شركات التأمين من ابتكار أساليب إحتيالية مخالفة للقوانين، بهدف توفير تكاليف مالية على صناديقها، وإن كان على حساب قضم حقوق المؤمّنين وهدرها. وإذا كانت بعض شركات التأمين لا تزال تتعاطى بشفافية مع زبائنها، فذلك لا ينفي أن بعضها الآخر يعمل على قاعدة تجنيد خبراء، واستغفال زبائن، والالتفاف على أخلاقيات المهنة وقوانينها.
يمارس اليوم عدد من شركات التأمين حيلاً غير قانونية لإلزام المؤمّنين باللجوء إلى خبراء سير منتدبين من قبل الشركات عند وقوع حوادث. وتتعامل تلك الشركات باستنسابية مطلقة مع تقارير خبراء السير، فترفض تقارير وتقبل بأخرى، وتفرض أحياناً على خبراء محتوى محدّداً للتقرير، لتخفيف عبء تغطية أضرار الحوادث عن كاهلها من دون وجه حق.
لا شك أن شركات التأمين تعاني أزمات مالية كبيرة مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وتزايد عبء التكاليف عليها، خصوصاً أنها لا تزال تتقاضى ثمن بوالص التأمين وفق سعر صرف 1515 ليرة للدولار. غير أن ذلك لا يبرر تطاول بعضها على حقوق المواطنين المؤمّنين، واستغلال عدم معرفتهم بما تتيح لهم القوانين، وبما يُمنع على الشركات فرضه.
تواطؤ مع خبراء؟
استحدثت مجموعة كبيرة من شركات التأمين مؤخراً مركز اتصالات (call center) مشترك فيما بينها، تهدف من خلاله، وفق ما هو مُعلن، إلى تسهيل التواصل مع زبائنها عند وقوع حوادث وإرسال خبراء من قبلها. ولكن ما يشوب هذه الخدمة هو تعامل بعض الشركات باستنسابية بين خبراء السير، من خلال الفرض على زبائنها الاتصال بالـcall center والإستعانة بخبير سير من قبل الشركات، بدل الاتصال بخبير آخر. وبالتالي تعمد إلى رفض تقرير الخبير غير المُرسل من قبلها. فهل يحق لشركة تأمين رفض تقرير خبير سير محلف وإلزام الزبون بالاستعانة بخبير آخر متعاقد معها؟
في جولة على عدد من خبراء السير المحلّفين، أكد بعضهم ممارسات عدة شركات غير القانونية، من خلال رفض تقاريرهم أو إلزامهم بمحتوى معيّن للتقرير، وفق ما يؤكد أحد الخبراء (الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه) في حديث إلى "المدن". فقد تم رفض 5 تقارير أعدها لحوادث سير وقعت مع مؤمّنين. وكانت حجة الشركات أن الزبائن لم يتصلوا بالـcall center لإرسال خبراء لهم، علماً ان الخبير المذكور محلّف، وعلى الشركات قانونياً الأخذ بتقاريره والتعويض على أساسها على المتضررين.
تجربة خبير
خبير سير آخر تصادم مع إحدى شركات التأمين، على خلفية رفضها تقرير أعده بطلب من أحد المؤمّنين عند وقوع حادث. ويؤكد خبير السير المحلّف حسام شرّي، في حديث إلى "المدن"، أن شركة التأمين Bankers رفضت تقريراً أعدّه عن حادث سير، تحت ذريعة أن الزبون لم يتصل بالـcall center للإستعانة بخبير من قبل الشركة. وهو أمر مخالف للقانون، وفق شري. إذ لا يحق للشركة رفض أي تقرير لخبير مرخّص، كما لا يحق لأي شركة التعاقد مع خبراء سير أو توظيفهم لديها، لما يمكن أن يؤثر ذلك على شفافية وطبيعة التقارير التي يعدّونها.
ويرى مصدر قانوني في حديث إلى "المدن"، أن الشركات اعتمدت إجراءات فيما خص بوالص تأمين السيارات، منها الاتصال بخبير تحدده الشركة لوضع تقرير عند وقوع الحادث. غير أن لائحة الخبراء التي تعتمدها الشركات من المفترض أن تُرفق بالبوالص فقط، لتسهيل التواصل مع الخبراء من قبل المؤمّن. لكن لا يحق لها بأي شكل إلزامهم باعتماد خبراء محدّدين دون سواهم. كما لا يحق لها رفض تقارير خبراء غير مُعتمدين من قبلها، إلا إذا راودها شك بصحة التقرير أو بتواطؤ الخبير مع شركة أخرى.
وإذ يشدد المصدر على مخالفة الشركات التي ترفض تقارير لخبراء سير محلّفين من دون وجه حق، خصوصاً أن الخبير يتم ترخيصه من قبل مجلس القضاء الأعلى، ويصدّق على رخصته من قبل وزير العدل، يلفت إلى أن "على الشركة موجب الإعلام. أي يجب أن تُعلم المؤمّن بكافة البنود المتعلقة بالتأمين، وفي حال أخفت بعض البنود عن قصد أو بسوء نية فبالإمكان ملاحقتها قانونياً".
تنظيم القطاع
وعن آلية ربط خبراء السير مع شركات التأمين، ومدى تنظيم القطاع، يوضح نقيب خبراء السير، فؤاد فهد، في حديث إلى "المدن"، أن العمل جار على استكمال عملية تنظيم القطاع. وقد قطعت شوطاً كبيراً، ويتم مؤخراً العمل مع جمعية شركات الضمان على تحويل مركز الإتصالات الـcall center إلى النقابة، لتسهيل التواصل مع الزبائن، مع مراعاة موقع الحادث وقرب الخبير جغرافياً، وإخضاع التقارير إلى دراسة من قبل لجنة في النقابة، قبل تحويلها إلى الشركة المعنية، على أن تكون النقابة صلة وصل بين الشركة والخبير لجهة دفع تكلفة إعداد التقرير، لافتاً إلى تجاوب كبير من قبل شركات التامين لاعتماد هذه الآلية.
ويرى فهد أن عدد خبراء السير المحلّفين حالياً يفوق حاجة السوق اللبنانية. إذ يبلغ عددهم نحو 1500 خبير في حين أن الحاجة لا تتجاوز 1000 خبير فقط. لافتاً إلى أن خبراء السير باتوا ملزمين للإستحصال على ترخيص رسمي بمزاولة المهنة، الخضوع لدراسة لمدة سنتين في معهد تقني، وإجراء فحوص لدى الدولة قبل أن يتم تحويل الطلب إلى المجلس الوطني للسلامة المرورية، ثم يخضع الخبير لفترة تدرّج في النقابة، قبل تحويل ملفه إلى وزارة الاقتصاد والتجارة، ثم إلى قسم اليمين في وزارة العدل.
المصدر: المدن
الوسوم: التأمين على السيارات, خبراء السير, شركات التأمين