تم النشر بتاريخ: 14/07/2021
ما إن أبصر ابنهما النور العام 2013، حتى راحا يفكران كيف السبيل لتأمين حد أدنى من مستقبل يضمن أقله تلقي المولود الجديد علمه في المستقبل. فكرا بداية بوسيلة الأجداد “شو بها القجة”، الى أن زارا المصرف صدفة، لمعاملة سريعة، فوقعا في شرك “وفّر وأمّن معنا، وما راح تكون إلا مبسوط”. قالها الموظف صراحة، “نسحب من حسابكم مئة دولار شهرياً، ندّخرها لولدكم، فتحصلون على المبلغ بعد 18 عاماً، أو أكثر إذا أردتم، مع فائدة تبدأ من الـ4.50 بالمئة ويمكن أن تلامس الـ5.50 بالمئة، مع تأمين على حياة أحد الوالدين”. فكرا للحظة فوجدا أن طريقة الادخار هذه مضمونة أكثر من قجة المنزل الموجودة بين متناول اليدين. وقعا على الأوراق بثقة بالغة واتكلا على الله.
عمر الفتى اليوم ثماني سنوات، وهما تمكنا من ادخار 8000 دولار أميركي، في شركة التأمين التي يتعامل معها المصرف، لكنهما وبدل أن يفرحا، أصابهما القلق، إذ باتت الأموال المدخرة رهينة في المصرف تماماً كما هو حال الحسابات المصرفية، وإلا السحب على الـ3900 ليرة.
هذه الحالة الشبيهة بآلاف الحالات التي تبقى مقبولة مقارنة مع المودعين الذين وقعوا في شباك احتيال الإغراءات المتعلقة بتأمين الشيخوخة. الشباب أمامه متسع من الوقت، علّهم يتمكنوا من الادخار، ولو كان الوقت اليوم غير مؤاتياً، لكن ماذا عمن تجاوز الستين عاماً؟ كيف له أن يضمن شيخوخته بعد؟
ثنائي أمضى حياته مكافحاً في القطاع الخاص، يعمل على حسابه، سمع كلام المصرف المعسول عن تأمين الشيخوخة وبرنامج الادخار، الشبيه الى حد بعيد بتفاصيله، بخزعبلات تأمين الطفل والعلم والحياة وما شابه من أسماء. خطى الخطوة منذ عشرة سنوات تقريباً ليتبين أنه تمكن من ادخار حوالي 40 ألف دولار. قرر في بداية الأزمة بعد تشرين 2019، توقيف العملية برمتها، فحصل على شيك مصرفي وضعه في الحساب، وبدل أن يكون ادخر الـ40 ألف دولار خسر اليوم 4 مرات قيمتها، لأنه يسحب المال من حسابه على الـ3900 ليرة، بينما سعر الصرف في السوق السوداء لامس الـ20 ألف ليرة.
إنه “تأمين الإغراءات” التي لم تكتف المصارف بفرضه ضمناً على المودعين التي رأتهم حينها “دفّيعة” ولا يتسببون بوجع في الرأس، بل تتعامل معهم بلامبالاة وعلى قاعدة “يللي مش عاجبو يدبّر راسو”.
جمعية المودعين تتابع هذا الملف، أسوة بملفات الحسابات في المصارف، لكنّ الأولويات التي بين يديها وتعاميم مصرف لبنان، لا تجعل هذا الموضوع في طليعة البنود. رئيس الجمعية حسن مغنية، يوضح أن برنامج التأمين والادخار هذا، الذي اخترعته المصارف مع شركات التأمين العائدة لها، بات مثله مثل أي وديعة موجودة في المصرف، مشيراً الى أن عدداً من المستفيدين تمكنوا من سحب المبلغ المدخر تباعاً، بعد تحوّله الى شيك مصرفي، على الـ3900 ليرة، ليصبح حساب “التأمين ـ الادخار”، محدد وكـOld money.
يرى مغنية في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني أن برنامج التأمين ـ الادخار، يعتبر أسوأ من الوديعة التي وضعها المواطن بنفسه في المصرف، وفتح حساباً فيها، وهذه الخدمة ليست سوى قرصنة علنية، لأن المصرف هو من تجنّى على المودع بهذا البرنامج وأقنعه به وبالادخار من خلاله، بينما القانون يضع هذه الأعمال في خانة “النصب والاحتيال”، مضيفاً، “كل مبلغ سحبه المصرف من حساب المودع لما يسمى قجة، هو احتيال، ومصير الأموال مجهول، إن لم نقل راحوا”.
يوضح ألا أعداد واضحة ودقيقة عن المودعين الذين استفادوا من برامج التأمين والادخار إلا في المصارف، مرجحاً الا يتعدوا الـ5000 شخص، بما قيمته 60 مليون دولار، معتبراً أنه في حال عادت أموال المودعين المقدرة بـ107 مليار دولار بعد حين اليهم، من الطبيعي أن تعود أيضاً أموال التأمين والادخار الى مستحقيها، لأنها باتت مدرجة ضمن الودائع.
يشير مغنية الى أن عدداً كبيراً من شركات التأمين، صفّى هذه “الخدمات”، وأرسل شيكات مصرفية بقيمة المبلغ المستحق، إلى حسابات المودعين، وإذ يؤكد أن المشكلة الكبيرة مع المصارف اليوم، بعدم وجود لجنة رقابية، يلفت الى أن لجنة المودعين تقوم بعمل لجنة الرقابة على الأرض، وهذا أمر لا يجوز، مختصراً كل ما تقدم بالعبارة التالية، “المصارف لا تعطي أهمية لمرضى السرطان للعلاج، فكيف ستعطي أهمية لبرنامج الادخار أو التأمين أو لمن يعاني من صداع؟”.
المصدر: موقع القوات اللبنانية
الوسوم: أقساط التأمين, التأمين على الحياة, تأمين الإدخار, شركات التأمين