تم النشر بتاريخ: 22/03/2024
هل بدأت تلوح في الأفق أزمة في قطاع التأمين اللبناني، وعلى غرار ما حصل مع قطاع المصارف؟
الجواب، وفق مطّلعين على ما يجري حالياً، يتراوح بين “الا” و”النعم”، مع التأكيد أن قطاع التأمين لا يزال متماسكاً وقوياً، انما المشكلة تكمُن في الإستثمار في برنامج الـ Life الذي كان، في ما مضى، أكثر البرامج استقطاباً وربحاً للشركات كما للزبائن. أما اليوم فهو يشهد حالة لا يُحسد عليها، ومن أجل ذلك، سارع أعضاء من مجلس جمعية شركات الضمان برئاسة أسعد ميرزا، الى عقد اجتماع مع وزير الإقتصاد والتجارة بحكومة تصريف الأعمال أمين سلام لعرض هذه المشكلة والعمل معاً للوصول الى حلول تجنّب بعض شركات التأمين، تجرّع الكأس المرّة ويصبح وضعها تماماً كما وضع بعض المصارف ان لم نقل كلّها. ولحسن الحظ أن فرع الحياة لا تتعامل به كلّ شركات التأمين في لبنان وانما الأغلبية منها، ولكنّ هذه الأغلبية هي شركات كبيرة، وبالتالي فأي اهتزاز يُصيبها سيرتدّ حتماً على قطاع التأمين ككلّ. والمؤسف أن الإجتماع الأخير بين مجلس إدارة ACAL وبين الوزير سلام لم يُفضِ الى أي نتيجة بل طلب الوزير سلام استمهاله لدراسة الإقتراحات المقدمة، وصولاً الى وسائل يُمكن اتباعها، كما جرى تماماً بين البنك المركزي والمصارف اللبنانية عبر ما سُميّ بالـ”تعاميم” التي أوجدت حلولاً آنية ولكنها ليست نهائية، بدليل التخبّط الحاصل حالياً بين حكومة تصريف الأعمال وبين البنك المركزي ووزارة المالية من جهة ورابطة المودعين من جهة أخرى، ومن دون الوصول الى أي مخرج قانوني يُعيد الحقوق المالية الى أصحابها بسبب ما عُرف بـ “اللولار” وكيفية تسعيره وصرفه، إذ فيما سعر الدولار الأميركي في السوق اللبناني (الموازي والرسمي معاً)، محدّد بـ 89 ألف ليرة لبنانية، اذ بالدولار المصرفي والمعتبر حالياً “لولاراً” ، يصل سعره الى 15 ألف ليرة لبنانية، ما يعني أن الـ HairCut على الودائع تخطّت الـ 75 بالمئة!
المدير التنفيذي في شركة “المشرق” جورج ماتوسيان الذي يواكب هذه الأزمة من موقعه كعضو سابق في مجلس إدارة ACAL وكعضو منتخب في “المجلس الوطني لـلضمان” قبل حوالي الشهرين، ولو أن مجلس الوزراء حتى الآن لم يصدر مرسوماً بهذا الخصوص، وكذلك كمرشّح لرئاسة أكال في الإنتخابات المقرّرة في أيار المقبل، بدأ حديثه الينا بالقول: “أودّ التأكيد، بداية، أن قطاع التأمين ببرامجه المعروفة لا يزال قوياً وصامداً ويُسجلّ الأرباح رغم كل الظروف التي تمرّ بلبنان وعلى رأسها الظروف السياسية والإقتصادية، وما يجري حالياً في الجنوب، انعكاساً للحرب التي تشنّها اسرائيل على غزة. أقول ذلك من باب المعرفة والإطلاع. أما الأزمة التي يُحكى عنها بمرتطبة بموضوع الإستثمار في فرع الـ Life، وقد بدأت هذه المشكلة مع مطالبة مستثمرين بالحصول على عائدات من استثماراتهم ولم يكن التجاوب من قبل الشركات المعنية متاحاً، تماماً كما كان الحال ولا يزال مع المصارف”. أضاف: “ولكن يجب هنا التفريق بين الإستثمار الذي يرغب به الشخص الذي تملّك بوليصة “حياة” وبين الشركة التي تصرّفت بأموال الزبون باستثمارات من دون أن تأخذ الموافقة منه. وفي كلا الحالتَيْن، أرى أن الأزمة واحدة لأن أموال شركات التأمين محتجزة في المصارف، تماماً كما هي الحال مع أموال المودعين. من هنا كان اللقاء الأخير لمجلس إدارة ACAL مع الوزير سلام مخصّصاً للبحث عن حلول، فهل بإمكان الأخير اجتراع “معجزة” ويتوصل مع المركزي للوصول الى حلول للمستثمرين في فرع “الحياة”، سواء كان هذا الإستثمار برغبتهم ورضاهم أو من دون علمهم؟ ثم ماذا لو توفيّ أحد الذين يملكون بوليصة “حياة”، لا سمح الله، وطالب أهله بالمبلغ المرصود في هذه البوليصة، فكيف ستتمكّن الشركة من تسديد المبلغ وبالعملة الصعبة؟” تابع: “هنا تكمُن المشكلة الكبرى، ولذلك بدأنا نسمع بأن شركات تأمين بدأت تتصل بزبائن يحملون بوالص “الحياة” بزيارة مكاتبها والحصول على ما هو في ذمّـتها من مال استثماري ولكن بـ “اللولار”، توطئة لقرار اتخذته بتعليق هذا الفرع الى حين وضوح الرؤية وعدم التعامل به”.
س: وهل الأزمة هذه تطاول الشركات الأجنبية وبينها Metlife على سبيل المثال، لا الحصر، وهي شركة أميركية؟
ج: أعتقد أن استثمارات هذا الفرع في الشركة المذكورة، تتمّ خارج لبنان وليس فيه، ما يعني أن اموال الزبائن موجودة في الخارج، ومن هنا، فإن أي تعويض عند تسديده، سيدفع بسهولة.
س: وهل عدد شركات التأمين اللبنانية التي تتعامل بفرع “الحياة”، يتجاوز النصف أو أكثر بقليل؟ وما هو عدد الراغبين بالإستثمار؟
ج: حقيقة، لا أملك أرقاماً دقيقة، ولكن ما أعرفه أن هناك أكثر من 800 مليون دولار تُستثمر في برنامج “الحياة”، وكانت عائدات هذا الإستثمار تُفيد الناس، كما الشركات. ولكن موضوع “اللولار” والدولار أضاع البوصلة، ومن أجل ذلك خرجت ALLIANZ من لبنان، واشترى شركة SNA المتحالفة معها رجال أعمال بينهم النائب نعمة افرام.
س: وهل لـ “المشرق” استثمارات في فرع الـ Life؟
ج: كنا قبل العام 2013 نتولّى الإستثمار في أموال هذا الفرع بناء لرغبة الزبائن، ولكن منذ 11 عاماً أوقفنا هذا النمط وكأننا كنّا نتوقّع حصول هذا الوضع المزري الذي حلّ بالبلاد.
س: ذكرت لنا في لقاء سابق أنك تتحضّر لإنتخابات ACAL في أيار (مايو) المقبل للوصل الى مجلس الإدارة، اولاً، ومن ثم الترشّح الى الرئاسة. فهل ما زلت على هذا الموقف أم غيّرت رأيك؟
ج: مستمر، بطبيعة الحال، وسأخوض هذه المعركة مهما تكن النتائج لأن عندي الكثير من المشاريع التي يجب أن أحققها مع أعضاء مجلس الإدارة في قطاع التأمين، بعد فوزي عضواً في “المجلس الوطني للضمان” والذي آمل أن يبتّ بالنتائج مجلس الوزراء في احدى جلساته، وهذا ممكن ولا معوقات أمام اقراره.
(انتهى حديث المدير التنفيذي لشركة المشرق جورج ماتوسيان).
على هامش هذا الحديث، نودّ الإشارة الى أن وزير الإقتصاد وبعد الضجة الأخيرة التي أثارتها شركات تأمين وبعض وسائل الإعلام بخصوص لجنة الرقابة على شركات الضمان وتسليم مقدراتها لشقيقه كريم الذي عيّنه مستشاراً له… وبعد طلب من لجنة الإقتصاد والتجارة برئاسة النائب فريد البستاني بتعيين مدير لهذه اللجنة بالإنابة، سارع الوزير سلامة الى اختيار واحد من كادرات ICC وهو السيد نديم حداد ليتولى بالإنابة مهمات المدير الأصيل وقد باشر بالفعل هذه المهمة التي أنيطت به، ما أراح شركات تأمين عدة وجدت، أخيراً، مسؤولاً على رأس هذه اللجنة يُمكن التعامل معه ومتابعة شؤونها وشجونها، وخصوصاً أن لهذه اللجنة دوراً كبيراً في ضبط الأوضاع وتسهيل الأمور، ودائماً بالتعاون مع الوزير المعني، وهو أمين سلام، لأن وزارة الإقتصاد، كما هو معروف، هي القيّمة على شركات الضمان.
يبقى السؤال الأهم: هل يستمر قطاع التأمين صامداً كما كان ولا يزال، وباعتراف الوزير نفسه الذي أعطى هذا التشبيه في لقاء عُقد في صالة المحاضرات في ACAL قبل فترة، غامزاً من قناة قطاع المصارف، أم أن المطلوب للأزمة الإقتصادية في لبنان أن تتفاعل وتستمر ومن ثم دكّ القطاعات كلّها، الواحد بعد الآخر، لتنفيذ مخطّط رهيب يتعرّض له البلد وعلى جميع الأصعدة؟
سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة. ..
المصدر: مجلة تأمين ومصارف
الوسوم: أقساط التأمين, التأمين على الحياة, شركات التأمين, وزارة الاقتصاد