التأمين… شركات تتخبط محلياً وعربياً

التأمين… شركات تتخبط محلياً وعربياً

تم النشر بتاريخ: 24/07/2018

صفعتان قويتان تلقاهما قطاع التأمين في لبنان خلال أيام قليلة... والثالثة يبدو على الطريق قريباً. الأولى إيقاف شركة «شديد ري» العاملة في مجال وساطة إعادة التأمين عن العمل في السعودية. والثانية تجديد نقابة المحامين عقد التأمين الصحي مع شركة «غلوب مد» خلافاً للقوانين، على رغم اتهام الشركة بالفشل في إدارة الصندوق الاستشفائي والتسبب بعجز يفوق 22 مليون دولار، (ما يجعل أكبر شركة تأمين غير رسمية في خطر داهم). أما الصفعة الثالثة التي ستكون «مدوية» تحديداً في هذا التوقيت الاقتصادي الصعب، فهي أن يلحق صندوق التقديمات الاجتماعية في نقابة المهندسين في بيروت بنظيره في المحامين. فهذا الصندوق يتكبد منذ فترة خسائر تصل قيمتها إلى ما يقارب 20 مليار ليرة سنوياً.

السبب في عدم ظهور المشكلة إلى العلن بعد، لأنه تتم تغطية العجز من صندوق اشتراكات المهندسين (نظراً للحجم الكبير لعدد المنتسبين إليه)، علماً أن الموضوع واقع لا محالة، والقضية قضية وقت فحسب، بحسب مصادر متابعة.

ICC؟

تسارع الأحداث التي يشهدها القطاع اليوم يطرح تساؤلاً كبيراً عن دور ومهام "لجنة مراقبة هيئات الضمان" (ICC) من كل ما يجري. من يعيق عمل هذه اللجنة من جهات سياسية، وحيتان مال، لا سيما بعد الاندفاعة اللافتة التي سجلتها اللجنة بطريقة عملها خلال السنوات الأخيرة، في محاولة لتنظيم القطاع وتنظيفه وتحديث تشريعاته للنهوض به وفقاً لحجمه الفعلي من الاقتصاد الوطني.

هل ستقف اللجنة موقف المتفرج، أم ستبادر إلى معالجة الاختلالات في عمل شركات من المفترض أنها الأكبر لبنانياً أو عربياً، نظراً لتأثير ما يجري في الخارج على سمعة القطاع والسوق المحلية؟

«شديد» ممنوع في السعودية

في خبر لافت، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" منذ أيام أنها قررت إيقاف شركة "شديد ري" لوساطة إعادة التأمين عن ممارسة نشاط الوساطة. وأشار بيان رسمي صادر عن المؤسسة أن "قرار المنع يأتي بعد ملاحظتها لمخالفات جسيمة على الشركة تتمثل في عدم التزامها بتعليمات المؤسسة وضعف في رقابتها الداخلية،" مؤكداً أنه "لن يرفع الإيقاف عن الشركة حتى يثبت لها تصحيح الشركة لأوضاعها والتزامها بالمعايير والاشتراطات النظامية التي تضمن حقوق المؤمن لهم والمستفيدين من التغطية التأمينية. علماً أن قرار الإيقاف لا يخلي مسؤولية شركة شديد من التزاماتها المتعلقة بوثائق التأمين السارية والمطالبات التي تنشأ عنها".

ما حصل مع «شديد» في السعودية مرشح لأن يتكرر في دولة الإمارات

ودعت مؤسسة النقد العربي السعودي جميع المؤمن لهم والمستفيدين من التأمين التمسك بحقوقهم ومراجعة الشركة في ذلك، وفي حال عدم تجاوبها التقدم بشكوى إلى إدارة حماية العملاء من خلال موقع "ساما تهتم" أو من خلال الاتصال المباشر مع المؤسسة.

المفارقة أنه منذ أشهر ضجت وسائل الإعلام بخبر عن فوز شركة «شديد ري»، إحدى الشركات التابعة لمجموعة «شديد كابيتال» اللبنانية القابضة، بجائزة «أفضل وسيط لإعادة التأمين» في المملكة العربية السعودية. وأكد بيان للشركة حينها، مرفق بصورة لرئيس مجلس إدارة المجموعة فريد شديد مبتسماً أن "فوز «شديد ري» يأتي بعد أن نجحت الشركة، التي تعتبر واحدة من أفضل 20 وسيطاً لإعادة التأمين في العالم، والوسيط العربي الوحيد المعتمد من قبل مؤسسات لويدز، في تطوير مجموعة من الحلول والخدمات المبتكرة للشركات في مجال إعادة التأمين في المملكة...".
والأغرب أن الرئيس التنفيذي لـ«شديد ري» السعودية إيلي أبي راشد أكد أن هذا الفوز هو «شهادة على تميّز مكانة «شديد ري» وسمعتها الطيبة في السوق السعودية»، مذكّراً بأنها «كانت دائماً سباقة في تنفيذ إجراءات إدارة الجودة".
بحسب مصادر متابعة، فإن ما حصل مع "شديد" في السعودية مرشح لأن يتكرر في دولة الإمارات ثم غيرها من البلدان التي تتواجد فيها الشركة خلال فترة وجيزة. فمع التوجهات الرقابية المستجدة التي تشهدها بلدان الخليج اليوم، يبدو أن المعايير التي حكمت عمل الشركات لا سيما اللبنانية في الفترات الماضية قد تغيرت. فهل انتهى زمن التذاكي في هذه الدول، وباتت الشركات اللبنانية غير قادرة على العمل وفقاً للشروط الجديدة؟ أسئلة لا تبدو الإجابة عنها بعيدة بحسب المعطيات على الأرض اليوم.

القانونيون يخالفون القانون

وفي سياق متصل، يجدّد نقيب المحامين أندريه الشدياق عقد التأمين الصحي مع شركة "غلوب مد" (الموقع في عام 2015) على رغم اتهام الشركة بالفشل في إدارة الصندوق الاستشفائي في السنوات الثلاث الماضية والتسبب بعجز يفوق 20 مليون دولار.
وكانت النقابة أطلقت عام 2015 "صندوق التعاضد للمحامين وعائلاتهم" لتغطية تكاليف الخدمات الطبية والاستشفائية، على أن تدير "غلوب مد" الصندوق بدلاً من شركة "ميدغالف"، الأمر الذي أثار شكوك عدد من المحامين حول طبيعة العقد الذي أغفل صلاحية الصندوق التعاوني أو صندوق التعاضد، "صاحب الصلاحية الحصرية والصفة للتعاقد والتزام الخدمات والمنافع الصحية".

بحسب مصادر مطلعة فإن هذه الخطوة بحد ذاتها مخالفة لقانون الضمان، فكيف يخالف القانون من يجدر بهم حمايته؟ وتكشف المصادر أن قانون صناديق التعاضد أفرز كماً هائلاً من المشاكل في قطاع التأمين محلياً، في ظل غياب الجهات الرقابية المستقلة التي عليها تقييم عمل هذه الصناديق، وتصحيح الأخطاء الفنية الكبيرة التي تشوب عملها.
وارتفعت حدة معارضة المحامين بعد رفض الشدياق الكشف عن العقد للمحامين والسماح لهم بالاطلاع على دفتر الشروط لمعرفة السبب وراء العجز. لكن كل الاعتراضات لم تغير شيئاً على الأرض، وتواصل غموض التنفيعات يكتنف تفاصيل العقد والتزاماته.

البنك الدولي

على رغم تسجيل قطاع التأمين في لبنان معدلات نمو مرتفعة مقارنة بالمحيط، فإن الحقيقة الاقتصادية تبدو في مكان آخر. إذ أظهرت دراسة أعدها البنك الدولي عن القطاع أخطاراً ترتبط مباشرة بكثرة عدد الشركات العاملة فيه، واحتدام المنافسة في ما بينها بما تقود إلى حرب أسعار وتدني أرباح هذه الشركات، الأمر الذي يهدّد استقرارها المالي على المدى الطويل.

 

تسارع الأحداث التي يشهدها القطاع يطرح تساؤلاً عن دور «لجنة مراقبة هيئات الضمان»

وأوصى البنك الدولي بضرورة تقليص عدد هذه الشركات، مشدداً على الحاجة الكبيرة لتعديل القوانين المرتبطة بقطاع التأمين وتطويرها.

وكان وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال الحالية رائد خوري أكد منذ مدة انتهاء الوزارة من إعداد مشروع قانون لدعم عملية دمج شركات التأمين (على غرار ما حصل في القطاع المصرفي)، عبر توفير حوافز تشجيعية لها، بينها قروض ميسّرة، لكن شيئاً من هذا لم يحدث. ولم يلتفت إلى تحديث التشريعات القانونية في هذا القطاع أي من وزراء الاقتصاد الذين تعاقبوا على الوزارة على مرّ السنين.
الأكيد أن ما يجري اليوم يظهر حاجة قطاع التأمين إلى ورشة عمل جدية، في ظل المؤشرات السلبية التي بدأت تظهر في الداخل والخارج، ولعل خبر أن 12 شركة تأمين (أي 23 % من مجمل الشركات العاملة) قد حققت خسائر عام 2014 خير دليل لضرورة دق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان.

التأمين في أرقام ومؤشرات

يعود تاريخ قطاع التأمين في لبنان إلى عام 1940، وهو استعاد انطلاقته عام 1990.

يساهم القطاع بـ 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ حجم أقساطه أكثر من 1.5 مليار دولار، مقابل دفعات للحوادث تصل إلى نحو 800 مليون دولار مع أموال خاصة تتجاوز المليار دولار. كما أن عدد العاملين فيه يبلغ 3300 موظف.
يعمل في قطاع التأمين في لبنان 52 شركة، منها 50 شركة لبنانية وفروع لشركتين أجنبيتين. كما توجد في لبنان مكاتب تمثيل لخمس شركات إعادة تأمين أجنبية. يتميز القطاع محلياً بالمنافسة القوية واحتكار 20 % من الشركات لنحو 80 % من السوق المحلية.

استحوذت الشركات العشر الأول على 67% من المجموع العام لأقساط التأمينات العامة NON LIFE والحياة LIFE البالغ أكثر من مليار ونص دولار واستحوذت الشركات الـ20 الأولى على 86% من المجموع العام.
أبرز شركات التأمين في لبنان: ميدغلف MEDGULF بمجموع أقساط بلغ نحو 140 مليون دولار أميركي تلتها بانكرز BANKERS بمجموع 132 مليون دولار أميركي ثم إليانز سنا بمجموع 122 مليون دولار ثم أكسا الشرق الأوسط AXA ME بمجموع 115 مليون دولار فشركة مت لايف MET LIFE 112 مليون دولار ثم آروب AROPE 98 مليوناً ثم ليا LIA، ثم ليبانو سويس، وفيدلتي وبنكاسورانس.

المصدر: الأخبار

الوسوم: , ,

Posted in .