شركات التأمين وسعر الدولار: بنود احتيالية لتسلب سيارات زبائنها

شركات التأمين وسعر الدولار: بنود احتيالية لتسلب سيارات زبائنها

تم النشر بتاريخ: 7/10/2020

كتبت عزة حاج حسن: لم تستثن الأزمة النقدية قطاعاً إلا وضربته في عمقه. ولا شك أن أزمات القطاعات الإنتاجية والخدماتية جميعها تنعكس ضغوطاً معيشية على المواطن اللبناني، بشكل أو بآخر. لكن أزمة القطاع الصحي والاستشفائي ذهبت بالمواطن أبعد من ذلك، فضربته بصحته وحياته وقدرته على الطبابة والاستشفاء، وأفقدته قدرة الحصول على تأمين صحي وعلى ممتلكاته، فيما لو وجدت.

المستشفيات أسقطت سعر الصرف الرسمي للدولار 1515 ليرة من حساباتها، وبدأت باستيفاء فواتيرها وفق سعر صرف الدولار 3900 ليرة. وإن كانت تتحايل منذ أشهر وتستوفي فارق الفواتير من جيوب المواطنين، إلا أنها اليوم باتت أكثر جرأة على المجاهرة بالإصرار على تقاضي ثمن علاج المرضى بسعر دولار المنصة الإلكترونية لمصرف لبنان، أي 3900 ليرة، أضف إلى تسعير بعض التقديمات والخدمات الاستشفائية وفق سعر صرف السوق للدولار (ويفوق حالياً 8500 ليرة).
خطط لتفادي العجز
ممارسات المستشفيات استتبعها إقدام شركات التأمين على رفع أسعار بوالصها، أو بالأحرى ربطها بالدولار. كما أن ارتفاع قيمة التغطية التأمينية على الشركات، دفعها إلى ابتكار آليات وخطط "إحتيالية" في بعض جوانبها لتجنّب الوقوع بمزيد من الخسائر.

تواجه شركات التأمين ضغوطاً عديدة لا يمكن تجاهلها، خصوصاً أن تلك الضغوط ستدفع بعدد من الشركات إلى إعلان إفلاسها قريباً، بعد عجزها عن سداد التزاماتها لمعيدي التأمين خارج لبنان. وتتمثل تلك الضغوط بارتفاع التغطية التأمينية قرابة ثلاثة أضعاف. بمعنى أن الشركات عموماً تتقاضى ثمن غالبية بوالص التأمين وفق سعر الصرف الرسمي أي 1515 ليرة، في حين أن المستشفيات تلزمها على التغطية وفق سعر صرف المنصة أي 3900 ليرة عموماً.

وانطلاقاً من ارتفاع التكاليف التأمينية على الشركات، عمدت غالبيتها وفق أحد وسطاء التأمين في حديثه إلى "المدن"، إلى اعتماد عدة خطوات لتفادي الضغوط المالية، إحداها تشكّل احتيالاً غير مباشر على المواطن.

في بوالص السيارات tous risques، تقوم الشركات بالتغطية حسب العملة المعتمدة في العقد التأميني. ففي حال اعتمد المؤمّن الليرة اللبنانية فإنها تتقاضى منه ثمن البوليصة وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة. أما في حال سدّد بـ"شيك مصرفي" فإنها تغطيه بموجب شيك مصرفي. كذلك الأمر على الدولار، فمن يسدد ثمن البوليصة بالدولار فإنها تغطيه بالدولار. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه في حال وقوع فارق بين قيمة التغطية وتكاليف الحادث، بسبب فارق سعر الصرف، فالمؤمّن يتكبّد الفارق.
أساليب "احتيالية"
أما الأساليب المستجدة لبعض شركات التأمين، والتي وصفها الوسيط بـ"أساليب الإحتيال"، فتكمن بإبرام عقد التأمين مع شرط أساسي في العقد يتعلّق بقيمة الحوادث. ففي حال فاقت قيمة حادث السيارة 60 في المئة من ثمنها، يحق للشركة وضع اليد عليها وسداد نسبة 65 في المئة من قيمتها إلى صاحبها. وبذلك تكون شركة التأمين قد سلبت الزبون السيارة، منعاً لتكبدها أعباء التصليحات بالدولار، لا سيما أن أسعار قطع السيارات مسعرة بالدولار، في حين أن البوالص مسعرة بالليرة.

وعلى سبيل المثال، يبلغ ثمن السيارة 10 آلاف دولار، أي نحو 15 مليون ليرة وفق سعر الصرف الرسمي، تقوم الشركة بمضاعفة سعر السيارة في العقد أي من 15 مليون إلى 30 مليون ليرة، وتتقاضى ثمن بوليصة التأمين نسبة 5 في المئة من قيمتها وبالليرة اللبنانية، وحين يقع حادث سير تبيّن أن قطع غيار السيارة تبلغ نحو 8 آلاف دولار أي نحو 68 مليون ليرة (وفق سعر صرف أقله 8500 ليرة حالياً) ووفق شروط العقد يحق للشركة بـ"سلب" الزبون سيارته بعد سداد نسبة 65 في المئة من ثمن السيارة له. بمعنى آخر تكون الشركة قد تكلّفت نحو 20 مليون ليرة فقط (65 في المئة من ثمن السيارة البالغ 30 مليون ليرة) بدلاً من إصلاح السيارة بمبلغ 8 آلاف دولار أي 68 مليون ليرة. أما الزبون فيخسرسيارته.

وضع شركات التأمين المترنّح ليس خفياً على وزارة الاقتصاد، المعنية بحماية المستهلك اللبناني. ووفق مصدر مطلع في وزارة الاقتصاد في حديث إلى "المدن"، لا تعديلات رسمية على تعرفة التأمين وأسعار البوالص. لكن شركات التأمين باتت تتقاضى فواتيرها على سعر المنصة الإلكترونية 3900 ليرة، وتغطي على سعر المنصة. وهو أمر مرفوض من قبل الوزارة، غير أن شركات التأمين باشرت به بعدما بادرت المستشفيات إلى فرض تعرفات وفق سعر المنصة.

المصدر: المدن

الوسوم: , , , , , ,

Posted in .