لطالما تميز لبنان لسنوات طوال بارتفاع نسبة اختراق التأمين وبإمكانيات هذا القطاع الذي استقطب شركات عالمية، لكن سنتين من الأزمة المالية والاقتصادية وانهيار العملة المحلية كانت كفيلة بجعل بوالص التأمين رفاهية.
مع استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، يبدو أن المواطن على مشارف كارثة صحية بعدما بات عاجزاً عن دفع تكلفة الطبابة وفاتورة الاستشفاء التي بلغت أرقاماً خيالية.
لم يجدد اللبناني جهاد بوليصة تأمينه الصحي لدى استحقاقها مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، بعدما اتصل بأكثر من شركة تأمين للاستفسار عن الأسعار، وتلقى إجابة واحدة: «نتقاضى الدفعات بالدولار النقدي حصرا كشرط أساسي لتغطية كامل نفقات الاستشفاء».
لا يقوم بعض شركات التأمين، وتحت ذرائع الوضع الاقتصادي وفرق سعر الدولار، بتغطية كافة نفقات علاج بعض المرضى في المستشفيات وخصوصاً في حالات التدخل الجراحي.
حسمت شركات التأمين أمرها باعتماد الدولار عملة حصرية لعقودها، “كون الفواتير كلها بالدولار” حسب توضيح رئيس جمعية شركات الضمان ايلي في حديث عبر قناة الـ LBCI، لافتاً إلى أن التأمين ضد الغير لا يزال بالليرة اللبنانية إلا أن الأسعار ارتفعت.
أكد رئيس جمعية شركات التأمين إيلي نسناس أن “التأمين أولوية قصوى لدى المواطن لكن الدفع بالفريش دولار يشكل عائقاً في عدد من الحالات”.
بعدما تفاقمت مشكلة دخول المرضى إلى المستشفيات حتى باتوا يلازمون منازلهم لعدم قدرتهم على سداد الفاتورة الاستشفائية نظراً إلى تدني قيمة بوليصة التأمين مقابل الارتفاع الجنوني في أسعار المستلزمات الاستشفائية التي تدخل في صلب الفاتورة…
قال رئيس شركات الضمان في لبنان إيلي نسناس في حديث عبر إذاعة “صوت لبنان 100.5” إنّ “أقساط شركات الضمان ستتماشى مع العملة التي سندفع بها الفواتير”، وأضاف: “نحن لسنا لنا علاقة بالفوضى الحاصلة نتيجة رفع الدعم الذي حصلت عليه ضبابية”.
عيّن وزير الاقتصاد والتجارة إيلي معلوف رئيساً جديداً بالإنابة للجنة مراقبة هيئات الضمان، الذي شغل منصب مستشار قانوني للجنة لمدّة 5 سنوات، إضافةً إلى كونه مستشاراً قانونياً لوزير الاقتصاد سابقاً. هو محامي متخصص في قانون الشركات وقانون التأمين الذي درسه في جامعة لندن
تُعاني شركات التأمين في لبنان والتي يبلغ عددها نحو 48 شركة كسائر القطاعات من تداعيات الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة وتعدد أسعار الصرف، ولم يحظَ موضوع التأمين الاهتمام اللازم علماً ان خسائر هذا القطاع لا تقل وطأة عن خسائر القطاع المصرفي.
شدّد عضو تكتّل “لبنان القوي”، النائب فريد البستاني، على “اعادة تقييم نظام شركات التأمين، وتحديثها، كي لا تتعثّر، كونها الآن في وضع التعافي”.
عبء إضافي يضاف الى الهموم المعيشية التي تثقل كاهل المواطن الفقير وصاحب الدخل المحدود بل المسروق بالعملة الوطنية. “الدولار التأميني” أصبح “فريش” ايضاً ، ضمن “تراند” (Trend) الدولرة التي تتظهّر قسرياً رويداً رويداً، وذلك مع طلب المستشفيات الحصول على كلفة الفاتورة الإستشفائية نقداً.
استقبل وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام اليوم وفدا من جمعية شركات الضمان برئاسة ايلي نسناس، حيث تمت مناقشة المواضيع التي تسعى الجمعية الى معالجتها وسبل ايجاد الحلول لها والتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة .
صدمت ريان عندما طلب منها قسم المحاسبة في أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية بيروت، دفع مبلغ 15 مليون ليرة لبنانية (حوالي 800 دولار) فروقات عن تسعيرة الضمان الاجتماعي قبل دخولها لإجراء عملية جراحية نسائية،
منذ عام 2019، بدأ قطاع شركات التأمين بتلقي ضربات متتالية أهمها حجز أموال المودعين وانفجار مرفأ بيروت مع ما خلفه من ارتفاع نسبة المتضررين نتيجة دمار المؤسسات والممتلكات الخاصة عدا عن أعداد الموتى.
ليس في الأمر مبالغة إذا ما قلنا إننا سنكون، مع احتدام الأزمة الاقتصادية في المُقبل من الأيام، أمام انفجار صحي لن يقلّ خطورة عن انفجار مرفأ بيروت، بل قد يتعدّاه بأشواط.